المصدر: جريدة الدستور 11/6/2014
كتب: سعد الطويل
من الواضح أنه من الممكن تكرار مثل هذه المحاور العرضية فى محافظات الصعيد الرئيسية مثل المنيا وأسيوط وسوهاج، حيث تكون بدايتها مناطق الظهير الصحراوى التى أخذت تُنشأ فى تلك المحافظات
استكمالاً للجزء الأول من مقالنا تحت نفس العنوان، نؤكد أن مشروع المحاور العرضية موجود بشكل مبدئى بالفعل، فطريق الجيزة وواحات الفرافرة، الذى أنشئ بجواره خط للسكة الحديد لنقل خام الحديد لمصانع شركة الحديد والصلب المصرية بالتبين هو نموذج لهذه المحاور العرضية، وكل المطلوب هو أن تمنع محافظة الجيزة «ومعها محافظة 6 أكتوبر الجديدة»، إنشاء أى مصانع جديدة إلا بامتداد هذا الطريق. كذلك عليها أن توفر المرافق اللازمة من المياه اللازمة للشرب والصناعة، والكهرباء للمصانع المستجدة. ولا ننسى خبرة تحويل منطقة شبرا الخيمة فى أربعينيات القرن الماضى إلى منطقة صناعية لمجرد وجود محطة لتوليد الكهرباء هناك يسرت لأصحاب المصانع مشكلة التغذية الكهربائية. «وكان من الممكن قيام هذه المنطقة الصناعية فى الأراضى الصحراوية حول خط سكة حديد حلوان لو وجدت محطة الكهرباء هناك، وذلك بدلاً من تبوير الأرض الزراعية». وهناك بالفعل نموذج ثانٍ للمحور العرضى وهو الخط المتجه من قنا إلى مشروع فوسفات أبو طرطور. فقد أنشئ طريق، وخط سكة حديد، وبنية تحتية، ولا يستفاد بها بالقدر الكافى لتعثر مشروع الفوسفات وعدم النجاح فى تسويقه بالكفاءة اللازمة. ومع ذلك فهناك إضافة يمكن أن تزيد من جاذبية هذا المحور للصناعة، وهى إنشاء محطة لتوليد الكهرباء باستخدام الطفلة البترولية، وهى مادة متوفرة بجميع مناجم الفوسفات، ومنها أبو طرطور «وتقدر الكمية المتوفرة منها فى مصر بحوالى 17 مليار طن تعادل أكثر من 2.5 مليار طن من البترول أى أكثر بكثير من المخزون البترولى المعروف بمصر حالياً». وكل ما يلزم لذلك هو بناء محطة لتوليد الكهرباء تصلح لحرق الطفلة البترولية وهى تكنولوجيا متوفرة حالياً بالولايات المتحدة وفنلندا «وتوجد محطة واحدة على الأقل من هذا النوع بإسرائيل حالياً».
ومن الواضح أنه من الممكن تكرار مثل هذه المحاور العرضية فى محافظات الصعيد الرئيسية مثل المنيا وأسيوط وسوهاج، حيث تكون بدايتها مناطق الظهير الصحراوى التى أخذت تُنشأ فى تلك المحافظات، ويساعد على نجاحها أن ترتبط بتركيز أى مشروعات للتصنيع فى تلك المناطق، وترتبط بها مشروعات التوسع السكنى. ولعل مناطق الظهير الصحراوى المختلفة لن تنجح إلا إذا ارتبطت بمشروعات التصنيع، فالسكان لن يتركوا الأماكن التقليدية المأهولة ليسكنوا الصحراء إلا إذا كان لهم ارتباط بتلك المناطق الجديدة. وهذا يعنى أن تبدأ هذه المشروعات بمناطق للتوسع الصناعى تواكبها مساكن لعمال هذه المصانع، فيتبعها العمران وبقية الخدمات. وجدير بالذكر أن جميع هذه المحاور العرضية لن تنشأ مرة واحدة، وإنما ستمتد بالتدريج، وفى إطار خطة التوسع المحلية لكل محافظة، وفى حدود الإمكانيات المالية المتاحة. وبالطبع لن يحتاج الأمر للبحث عن رأسماليين ينفذونها بنظام BOT، أو غيره. المهم هو تبنى هذه الفكرة من جانب المسئولين فى الدولة، وإدراجها ضمن خططها، وتكليف الإدارات المحلية بتطبيقها، وحجر الأساس فيها هو منع إصدار أى تراخيص بإقامة مصانع جديدة إلا فى المناطق المحددة على رأس مناطق الظهير الصحراوى المختارة وامتداداتها.