المصدر: جريدة الاهرام ( ملحق المحافظات ) 14/1/2014
عزيزي قارئ الأهرام.. السطور التالية فيها كل اصناف العجب والغرابة والبؤس والحزن ايضا لانها تمس شربة الماء والغذاء.. ومصير أمة ونهر في خطر.
عزيزي القارئ.. بين يديك تقارير عن حالة النيل أبسط ما يقال عنها أنها مفزعة وقد تم تقصيها وتحريها في أكثر من محافظة ومدينة وقرية وتم اختيارها بناء علي عدة معايير أولها أن تكون ممثلة للأقسام الثلاثة الرئيسية لمصر الواقعة علي خط النهر أي الصعيد والدلتا والمصب وثانيها أن تكون الأكثر كثافة سكانية أو انتشارا للأمراض أو بها بعض الظواهر الغريبة مثل نفوق الأسماك وحالات التسمم المائي وثالث المعايير أن تكون المعلومات التي حصلنا عليها مدققة بمشاركة علماء متخصصين في بحوث المياه والبيئة وجهات رسمية وكان ذلك علي مدي أكثر من شهر, ولم نكن نتوقع نتائجها المذهلة, الكاشفة, الفاضحة والمرعبة عن المجري المائي وحياة المصريين, ولم نكن نتصور أننا كمسئولين وشعب تجاوزنا كل الخطوط الحمراء في علاقتنا بشريان الحياة.. مصدر حياتي وحياتك وحياة كل كائن حي علي هذه الأرض.. ولم يخطر ببالنا أن يصل الإهمال إلي هذا الحد لتنوء بحمله الجبال؟! عزيزي القارئ.. لم تكن هذه التقارير بهدف إفزاعك أو تخويفك أو وضعك تحت ضغط من الرعب ينغص عليك أوقاتك ولكن الهدف هو إطلاق الإنذار والتنبيه الأخير ـ نعم الأخير دون مبالغة ـ بعد أن فاق الفساد والإفساد وانعدام الرقابة كل الشرور والمحن! ولقد قررنا عند الشروع في هذا التحقيق أن تكون كل كلمة فيه موثقة من أكثر من مصدر رسمي وعلمي بل واستعنا بتقرير من نيابة الشرقية للتدليل علي نتيجة ما توصلنا إليه فضلا علي أننا حصلنا بأنفسنا علي عينات من المجري المائي للنهر خاصة في مواقع تغذية محطات مياه الشرب والري وذهبنا بها إلي عدة كليات للعلوم لتحليلها ولمقارنتها بالتقارير الرسمية والغريب أنها اتفقت جميعها علي كلمة واحدة وهي الكارثة!.. ولانخفيك سرا أن الأمل في انقاذ ما يمكن انقاذه مازال موجودا رغم النتائج المفزعة والآثار الكارثية علي الحرث والنسل في بر مصر, وكعادتنا في الفترة الأخيرة لا نجد أمامنا بعد الله سبحانه وتعالي سوي اللجوء إلي القوات المسلحة لتشكيل لجنة علمية وتقنية عالية المستوي تنظر فورا في نتائج هذه التقارير علي أن يحدد موعد لتقديم توصياتها وحلول للأزمة أو قل المحنة التي تطل برأسها علي حياة المصريين ولا سبيل للقضاء عليها سوي بالعلم والعمل الجاد بعيدا عن ثعابين الفساد والروتين.
( الإثنين المقبل.. الحلقة الثانية تكشف اسرار نفوق الأسماك وتلوث محافظات المصب)
فى سوهاج: الأبحاث تكشف: الخبائث الكيماوية سبب الفشل الكلوي
من سوهاج - محمد مطاوع
في مفاجأة من العيار الثقيل كشفت نتائج عينة تحليل المياه التي أخذناها من موقع مصدر محطة مياه سوهاج غرب علي النيل والتي تمت بمعامل كلية العلوم أن الأملاح الكلية1 ـ2 جزء في المليون والرقم الهيدروجيني76 والكبريتات32 جزءا في المليون والكلور13 جزءا في المليون والماغنسيوم818 جزءا في المليون والامونيا0.5 جزء في المليون والبكتريا القولونية موجبة, وقال الدكتور أحمد عزيز عبد المنعم وكيل كلية العلوم واستاذ المياه الجوفية ان هذه النتائج تشير إلي أن المحتوي الكيميائي للمياه يمثل نموذجا لمياه نهر النيل وتؤكد عدم التلوث بالمركبات الكيميائية سالفة الذكر ولكن تحتوي علي نسبة عالية من البكتريا القولونية نتيجة صرف مياه صرف صحي علي النيل وهي ضارة للبيئة حيث إنها تقلل من مستوي الأكسجين مما يتسبب في قتل الأسماك والاحياء المائية الأخري, كما أن تأثيرها يكون أكثر ضررا علي الانسان فهي تؤدي إلي التهابات الأذن والدوسنتاريا وحمي التيفود والالتهاب المعدي المعوي الفيروسي والجرثومي والتهاب الكبد الوبائي
أكد الدكتور محمد علاء محفوظ أمين عام مركز اكاديمية البحث العلمي بسوهاج تزايد عوامل تلوث مياه النيل سواء كان هذا التلوث زراعيا أو صناعيا بيولوجيا أو كيميائيا نظرا لزيادة مصادر وأسباب هذا التلوث, وأضاف أن مجري نهر النيل شهد تطورا ملحوظا في مصادر التلوث البيئي لمياه النهر مع قصور في معالجة مياه الشرب داخل المحطات نظرا لزيادة الاستهلاك مع قلة الصيانة والمتابعة سواء داخل المحطات أو خطوط توصيل المياه للمنازل والمنشآت, وكذلك خلط المياه المعالجة الكيميائية والبيولوجية بها مما يؤثر في مجمله علي جودة المياه واستساغتها.
وقال محفوظ إنه سبق أن خاطب المحافظ السابق بخصوص ما يتعرض له مجري النيل من ملوثات تؤثر بالقطع علي جودة المياه والكائنات الحية من اسماك وخلافه به ويعرضها لما يعرف بالتلوث الكيميائي التراكمي بالعناصر الثقيلة( حديد ومنجنيز.. الخ) بسبب وجود مناطق معينة للصرف الصناعي لكثير من المصانع المقامة علي مقربة من النيل وأنه ذكر في تقريره كيف تطفو أكياس القمامة الملقاة من النوادي والفنادق والمنشآت الاخري علي النيل مباشرة وما يمثله ذلك من تلوث بيولوجي, ناهيك عما يتعرض إليه النهر من تلوث بمياه الصرف الزراعي.
ويبقي أن نقول إن خدمة الصرف الصحي لا تغطي اكثر من20% من سكان محافظة سوهاج البالغ تعدادهم نحو4 ملايين و500 ألف نسمة ولا تعليق؟!